يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
شرح كتاب الإيمان من مختصر صحيح مسلم
54744 مشاهدة print word pdf
line-top
لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين

قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين .


هكذا جاء هذا الحديث كمثال، ومعناه في الظاهر أن الإنسان العاقل إذا مر بجحر فخرجت منه حية فلدغته ثم عالجها؛ فإذا مر مرة أخرى ابتعد عن هذا الجحر، وحذر منه أخذ حذره، قال: من هذا أصبت. هذا الجحر هو الذي أصبت منه، فيبتعد عنه، فلا يمكن إذا كان عاقلا حازما أن يتغافل مرة أخرى ويأتي إليه فتخرج منه حية أخرى وتلدغه؛ هذا يكون غير حذر وغير حازم. عادة أن العاقل إذا لدغ يكون حذرا، ولذلك يقول بعضهم:
وإذا امـرؤ لسعتـه أفعـى مـرة
تركتـه حيـن يُجرّ حبـل يفـرق
إذا لدغه حية أو أفعى فإنه يفرق إذا رأى حبلا أو نحو ذلك.
هذا هو لفظ الحديث ولكن معناه: أن المؤمن يكون حذرا في أموره، فلا يمكن أن يخدع مرتين؛ فإذا خدعه إنسان مرة وأوقعه في مصيبة فإنه يحذر من هذا الإنسان ويقول: لا أثق بك فقد خدعتني في المرة الأولى. إيمانه يعرف منه عداوته هذا المخادع، ولا شك أنه يدخل في ذلك مثلا ما فيه ضرر ديني أو ما فيه ضرر دنيوي والناس يتفاوتون في ذلك.

line-bottom